منذ تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ في الثاني من ديسمبر عام 1971، تؤمن دولة الامارات بحزمة من القيم والمبادىء الأصيلة، ومنها ما يرتبط بعلاقات دولة الامارات بأشقائها ومحيطها الخليجي والعربي، حيث كان القائد المؤسس يؤمن إيماناً راسخاً بترابط المصالح وحدة المصير وبضرورة وقوف الامارات إلى جانب الشعوب العربية من أجل تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والتقدم، واضعاً الأساس القوي الذي تمضي عليها الدولة ـ حتى الآن ـ في بناء مواقفها واتجاهاتها وسياساتها حيال الدول والشعوب العربية.
رغم أن بعض الأدبيات السياسية تشير إلى حدوث تحولات في نهج السياسة الخارجية الاماراتية وتتحدث عن تخلي الدولة عن نهج الدبلوماسية الهادئة الذي كانت تتسم به خلال مرحلة التأسيس في عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ طيب الله ثراه ـ واعتماد استراتيجية مغايرة تعتمد على نهج أكثر تفاعلية مع الأحداث والأزمات الاقليمية، فإن تحليل الشواهد بتأن يشير إلى أن الامارات بشكل عام هي دولة فتية تسري فيها الحيوية والدينامكية التي تتيح لها سرعة الاستجابة وردة الفعل والتفاعل مع ما يحيط بها من أحداث وأزمات بشكل أكثر وضوحاً لما لهذه الأزمات من تأثيرات وتبعات استراتيجية ملموسة على مصالح الامارات وبقية الشعوب العربية، وهذا الأمر لا يعد تحولاً بقدر مايعد استجابة واقعية للمتغيرات الاقليمية الطارئة. فلا شك أن تسارع وتيرة الأحداث واتساع رقعة الأزمات في منطقتنا العربية منذ اضطرابات عام 2011 وانكشاف دوافع موجات الفوضى التي شملت دولاً عربية عدة، لم يجعل لدول مثل الامارات والمملكة العربية السعودية أي خيار سوى ضرورة التصدي لهذه الفوضى والدفاع عما تبقى من ركائز الأمن الاقليمي في ظل تعرض دول عربية رئيسية لهزات استراتيجية غير مسبوقة تسبب في انزلاق بعضها لدائرة الفوضى والصراعات العسكرية الدامية كما حدث في سوريا، بينما تسبب في انشغال بعضها الآخر عن القيام بدورها الرئيسي في قيادة العمل العربي الجماعي كما في حالة جمهورية مصر العربية.
تتحمل دولة الامارات منذ تأسيسها، مسؤوليات واجبات قومية تجاه أمن ومصالح الأشقاء العرب، وتضطلع بدورها تجاه هذه المسؤوليات من دون تردد، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن أمن الامارات جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، لذا فالامارات لن تتردَّد مطلقاً في مساندة أشقائها بكل ما تستطيع من جهد وما تملك من إمكانيات؛ لمواجهة مصادر التهديد التي تواجههم على المستويات كافة، فضلاً عن دعواتها المستمرة إلى الحوار والتعاون في مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه دول المنطقة؛ من أجل تعزيز ركائز الأمن القومي العربي. وقد عبَّر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة -حفظه الله- في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الرابع والأربعين، عن هذا المبدأ الثابت، حينما أكد سموه أن “دولة الإمارات العربية المتحدة تؤمن بأن أمنها الوطني جزء من الأمن القومي العربي، وأن بناء موقف عربي قوي للتعامل مع متغيِّرات المنطقة وتحولاتها هو السبيل للحفاظ على المصالح العربية العليا، وتحصين المنطقة ضد التدخلات الخارجية” مشيراً سموه إلى أن هذه القناعة تفسر “حرص الإمارات على التنسيق والتعاون الكاملَين مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدول العربية الأخرى؛ من أجل تعزيز قدرة العرب على حفظ أمنهم القومي في منطقة تعيش حالة من التحول الكبير، وتعاني مصادر خطر متعددة”.
ولاشك أن مواقف الإمارات الداعمة للأمن والاستقرار وتوفير السبل لتحقيق التنمية وانتشال ملايين الشباب العربي قبل السقوط في بؤر الاحباط والتشاؤم، تحظى بتقدير واحترام الشعوب العربية، التي تحتفظ بصورة ذهنية ناصعة البياض للامارات منذ عهد القائد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث تعتبر الامارات، بنظر القاعدة العريضة من هذه الشعوب، رمزاً للشهامة والأصالة ونجدة الأشقاء، وهي صورة لم تؤثر فيها الحملات الدعائية الخبيثة وأبواق التحريض التي تقف ورائها تنظيمات الارهاب والأنظمة والدول الممولة والداعمة لها في المنطقة.
.jpg)
0 Comments